الرئيسية
خيار وفقوس !!!!!
أثلج قلوبنا أن يسَّر الله – سبحانه وتعالى – لزميلنا الذي أنهي عقده في وزارة التربية والتعليم فرصة في مركز للإشراف على المدارس الخاصة ، في إحدى مؤسسات التربية الأهلية ، وأنَّ نهر خبرته المحمل بطمي السنين المتعاقبة سيبقى يصب في بحر أبنائنا ، ويسقي براعم عقولهم ، عسى الله – تعالى – أن يخرج من بينهم ، وعلى يديه ، من ينفع الأمة ، وينفع ذاته ، وأهله .
حتى إذا جمعتنا إجازة عيد الفطر ، وأفرغنا شحنات الشوق ، ودخلنا نفق الأخبار العملية ، بادرنا بقوله : أتدرون ما حال من يترك وزارة التربية ويذهب للمؤسسات التربوية الأهلية ؟ قلنا : نسمعك . ... ملأ رئتيه مرات ، وأخذ مداه ، في زفرات هادئة ، ختمها بقوله : إنه كمن ترك أمه ، واتبع زوجة أبيه .
ابتسم كعادته ، بكل قسمات وجهه ، حتى تحولت ابتسامته إلى ضحكته المألوفة ، والتي تعود بها أن يسحب من قلوبنا بسماتنا العريضة ، وعم السرور جلستنا ، وساد جو من الود لقاءنا ، مع كل عناء العمل ، فالمرء في هذه السن خير أماكنه العمل ، حين يكون خالصًا لوجه الله الكريم ، ولقاء الأخوة الحميم .
جالت عيوننا ترعى قسمات وجهه الوضاء ، كما سرحت عيونه في أعماق وجوهنا ، كل منا يحاول قراءة الآخر ، وسبر أغواره ، ... لم يمهلنا كثيرا ، وعاجلنا بقوله : متى كنا نناقش القضايا المالية في مكاتبنا ؟ متى كنا نأتي للدوام الرسمي مساء دون أن يكون هناك داعٍ ، أو طارئ ؟ كم معلم كنا نزور في اليوم في مدارسنا ، نأت أو اقتربت ؟ وكم زيارة للمعلم في الفصل الدراسي ، بل قولوا في العام الدراسي ؟ كم نشرة تربوية تصدر عن مركز الإشراف في كل عام ؟ بل كم نشرة تربوية يصدر عن كل قسم في العام الدراسي ؟ ما المشاريع التربوية التي تعدونها في هذا العام ؟ ما القراءات الموجهة التي تقدمونها للمعلم في كل فصل دراسي ؟ ما فعلتم في ملفات النمو المهني للمعلمين ؟ وكيف تتابعونها ؟ وماذا يضع المعلمون فيها ؟ وكم مشغلا تربويا تقيمون للمعلم في الفصل الدراسي ؟ وما البرامج التدريبية التي تعدونها للمعلمين في هذا العام ؟ وما .....؟ وما ..... ؟ وما ..... ؟ وما ..... ؟ وما .... ؟
انهال علينا بسيل من الاستفسارات ولم ينتظر منا إجابة لأحدها ، وكأنه كان متأكدًا من إجاباتنا التي لا تختلف ، فإنه لم يمض على فراقه لنا غير بضعة أشهر ، لم تتجاوز فصلا دراسيًّا واحدًا ، وما زالت اتصالاتنا به ، واستفساراتنا ، ليل نهار , وما زال العهد به قريبًا ، وهو أدرى بما نجيب ! انهالت من فمه رشات من الاستفسارات تدرّج أخونا في تسخينها ، عساه ينقل حرارتها لتسري في عروقنا ، وعيونه تمسح تضاريس وجوهنا ؛ ليقيس ما بلغته ، ويتحسس - كخبير - ما يتركه حديثه من أثر .
تحت زخات أسئلته التي أنهاها قدوم الشاي الأخضر الساخن ، المشروب المفضل غالبًا ، ودون سكَّر ، وكل منا له سببه ، تعالت صيحات الرشفات ، يستفزُّ بها بعضنا بعضًا ، وقذائف عيوننا تعلو سهامها وتنخفض ، وكتل أجسادنا تتماوج فوق الأرائك ، وقد علا أنينها ، واهتزت أعطافها ، وكأنها تشاركنا أحاسيسنا في سماع أخباره ، ... حتى اقتلع أحدنا من أعماقه : وكيف يتسنى لكم إنجاز ذلك كله ؟ وكم عدد المشرفين الذين يشاركونك هذا العمل المضني ؟ إن هذا الحجم الهائل من التكليفات يحتاج مؤسسات تربوية كاملة للقيام ببعضه ، فكيف بكله ؟ ألا ترون ؟
لا ينتظر شيخنا منا حلا لمشكلته ، لكنه أراد أن يشركنا همومه ، ويبثنا شجونه ، وتمثل بقول يعقوب - عليه السلام - : " إنما أشكو بثي وحزني إلى الله " (يوسف) ، وتهدأ نفسه من أثقال حملها في هذه السن ، فألقى بين أيدينا ما ألقى ، متخففا ، وطمأننا بقوله : ما عليكم من هذا كله ، فنحن لها ، وإن شاء الله سنقوم بكل ما حبانا الله من قوة . وتعالوا نعد إلى ما فاتنا ...
شرع يحكي لنا كعادته حكاية لا تخلو من هدف ، يحققه شيخنا يومًا بعد يوم ، وكان حظنا هذا اليوم قوله : أتدرون : حدثني جدي – يرحمه الله – أن الشيخ أسعد جارنا في القرية ، كان له زوجتان ، ومعه منهما ولدان وثلاث بنات ، ملئوا عليه حياته ، وحدث يوم أنْ كان الشيخ يحتسي قهوة الصباح على شرفته المطلة على طريق المسجد ، وأولاده يملئون البيت مرحًا وصخبا ، حين سمح إحدى بناته تصيح ، يا أبتاه ... لقد كُسرَت جرَّة العسل ! ... لم يتحرك الشيخ من مكانه ، لكنه قال : إن كان الذي كسرها محمد فسأكسر رأسه ...وسكت ... فبادرته ابنته ، وإن كان الذي كسرها أحمد ؟؟ ساد صمت ، ثم قال : يعوضنا الله !
والله من وراء القصد .
احصائيات
أعضاؤنا قدموا 2501 مساهمة في هذا المنتدى في 570 موضوع
هذا المنتدى يتوفر على 42 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو hamada فمرحباً به.
بحـث
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
| الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
|---|---|---|---|---|---|---|
| 1 | 2 | |||||
| 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
| 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
| 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
| 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
» أصعب ابتسامة
» أل22% من فلسطين
» جرح اللسان ما اقساه {{ قصة قصيرة }}
» انظروا كيف أصح حالنا
» أي من الجمل التالية تؤلمك
» قل لي ....
» أجمل لحظات عمرك
» ثلاثة أشياء
» هل رأيت أثر التسبيح عليك ؟
» اقرأ هذا الدعاء وان شاء الله سوف ييسر الله امرك
» لكي الفخر بانك انثى
» فوائد الموز
» انالا اطلب شفقة
» مولود جديد