الرئيسية
د. أمين
تسوّل الحضارة
تزكم الأنوف رائحة الحرائق الفكرية ، التي يشعلها المرجفون في أنحاء كثيرة ، محاولين المساس بالأمة الإسلامية ، تاريخًا ، وحضارةً ، وانتماءً ، وليحيكوا أستارًا من الضلالات التي تعمي عن رؤية الحقائق التي وثقها باحثو الغرب كما وثقها باحثو الشرق من الموثوقين علمًا ومنهجًا ، وليحشدوا ببعض الناطقين بالعربية ، في طريق تيئيس أبناء الأمة ، وزرع القنوط في قلوبهم ، وتحطيم روحهم المعنوية ، وليصلوا إلى ترك الكتب التراثية في رفوف النسيان ، ويزرعوا في قلوبهم أنهم ينتمون لأمة جُلُّ شأنها أن تتسوَّل على أعتاب الحضارة الغربية .
ولو عاد أولئك الأباعد إلى الحقائق التي أكدها علماء البحث من المؤرخين الصادقين علميًّا ، المتمسكين بالأصول العلمية ، في كل مجالات العلم المتخصصة ، لوجدوا أن علماء المسلمين كانوا الأوائل في مجالات العلم والبناء الحضاري والرفاه الإنساني في كل عصر ، فهم أول من صمّم الحدائق العامة للتمتع بجمال الطبيعة ، والاسترخاء . حين كان الأوروبيون يستخدمون حدائقهم لزراعة الخضروات للطبخ . وكانت حدائق المسلمين تزَّينُ بشجيرات الزنبق والفُلّ ، وغيرها من أشجار الزينة التي تملأ هذه الأيام كلَّ حدائق أوروبا الغناء .
أما زرياب ، علي بن نافي ، فهو أول من وضع نظامًا للتغذية ، بناه على فكرة الوجبة المتكاملة : من المرق ، والصحن الرئيس ، ثمّ الفاكهة والحلويات ، فمأكولات التسلية ، وعلّم الناس كيف يستعملون الأواني الزجاجية على موائدهم ، والتي طوّرها بعده العباس بن فرناس حتى صارت آنية ( كرس تالية ) ، آنَ كانت ملوك أوروبا تأكل بصحاف الطين والفخار والخشب .
وحيث اتجه الباحث في علوم الحضارة المعاصرة ، تاريخًا ، وحاضرًا ، يجد للمسلمين الباع الوافي ، ففي مجال العمل المصرفي يجد كلمة ( صك ) بمعنى التعهد بدفع ثمن البضائع عند تسلمها ، تجنُّبًا لتداول المال المنقول عبر الطرق الموبوءة بالمخاطر ، خاصة قُطّاع الطرق . وقد أخذ الأوروبيون هذا النظام ، واستعملوا الكلمة ذاتها بلكنتهم فصارت ( شيك ) ، وكان تجار المسلمين يأخذون العملة النقدية مقابل صكوكهم المسحوبة على حساباتهم في بغداد الرشيد ، من الصين . وهم بذلك يكونون أول من وضع أساسًا للاقتصاد المالي العالمي .
كما وضعوا نظام الترقيم على يد الخوارزمي ، والكندي , ووضعوا ، ووضعوا ، ثم وضعوا ، وما زالوا يضعون في كل يوم ، وعلى مدار الساعة ، وفي كل مكان يتواجدون فيه . مما يفتح الله عليهم من العلوم التي تعلو بالإنسانية ، وترفع شأنها ، وتقدم لها ما يعينها على الارتقاء في دروب الحضارة . ضاربين المثل الأعلى ، وحائزين قصب السبق ، وواقفين في رأس الطريق . لا كلل ، ولا ملل . بل الجد ديدنهم ، والجد سبيلهم ، والجد وسيلتهم ، وهدفهم . وكأنهم يرونه طريق العبادة الصحيح . حين غابت بعض الطرق ، أو غُيِّبت . دون أن يمنعهم أحد . بل يجدون الترحيب من القاصي قبل الداني ، ومن العدو قبل الصديق ؛ لأن هذا الجمع كله سيجد نفسه مستفيدا ممّا أفاء الله على هؤلاء العلماء قديما ، وحديثا .
أبعد هذا يقول ناعقهم أننا نتسول على أعتاب الحضارة ! بئس القول ، وبئس القائل ! جادًّا أم غير جادٍّ ، لأنه إن كان في الأولى فهو الجاهل أو المتجاهل ، وإن كان في الثانية فهو الأجهل ، لأن قومًا جعل الله لهم العلم عبادة ، وجعل الله – سبحانه - لكل مجتهد نصيب ، لا يمكن أن يجعلوا العلم سبيلا لقتل البشرية كما فعل علماء الكفر ، والإلحاد ! بل هو طريق الحياة ، كما فعل علماؤنا ويفعلون ، والله من وراء القصد .
احصائيات
أعضاؤنا قدموا 2501 مساهمة في هذا المنتدى في 570 موضوع
هذا المنتدى يتوفر على 42 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو hamada فمرحباً به.
بحـث
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
| الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
|---|---|---|---|---|---|---|
| 1 | 2 | |||||
| 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
| 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
| 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
| 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
» أصعب ابتسامة
» أل22% من فلسطين
» جرح اللسان ما اقساه {{ قصة قصيرة }}
» انظروا كيف أصح حالنا
» أي من الجمل التالية تؤلمك
» قل لي ....
» أجمل لحظات عمرك
» ثلاثة أشياء
» هل رأيت أثر التسبيح عليك ؟
» اقرأ هذا الدعاء وان شاء الله سوف ييسر الله امرك
» لكي الفخر بانك انثى
» فوائد الموز
» انالا اطلب شفقة
» مولود جديد