IstaityGroup



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

IstaityGroup

IstaityGroup

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
موضوع الاسبوع ارجو من الجميع المشاركة : ابو سليمان https://istaity-group.yoo7.com/montada-f63/topic-t594.htm#2566

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 2501 مساهمة في هذا المنتدى في 570 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 42 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو hamada فمرحباً به.

المواضيع الأخيرة

» أجمل موضوع قرأته فى حياتي!!!!
العائلة زائد واحد Empty21/9/2011, 10:10 am من طرف abu-majdi

» أصعب ابتسامة
العائلة زائد واحد Empty13/2/2011, 8:58 pm من طرف Dr.Aminbahily

» أل22% من فلسطين
العائلة زائد واحد Empty13/2/2011, 8:46 pm من طرف Dr.Aminbahily

» جرح اللسان ما اقساه {{ قصة قصيرة }}
العائلة زائد واحد Empty23/1/2011, 2:16 pm من طرف aliaa abustaiteh

» انظروا كيف أصح حالنا
العائلة زائد واحد Empty23/1/2011, 10:28 am من طرف aliaastaiteh

» أي من الجمل التالية تؤلمك
العائلة زائد واحد Empty22/1/2011, 3:19 pm من طرف aliaastaiteh

» قل لي ....
العائلة زائد واحد Empty20/10/2010, 6:23 am من طرف مدير الموقع

» أجمل لحظات عمرك
العائلة زائد واحد Empty5/6/2010, 9:59 pm من طرف زهرة المدائن

» ثلاثة أشياء
العائلة زائد واحد Empty5/6/2010, 9:34 pm من طرف زهرة المدائن

» هل رأيت أثر التسبيح عليك ؟
العائلة زائد واحد Empty5/6/2010, 9:24 pm من طرف زهرة المدائن

» اقرأ هذا الدعاء وان شاء الله سوف ييسر الله امرك
العائلة زائد واحد Empty5/6/2010, 9:18 pm من طرف زهرة المدائن

» لكي الفخر بانك انثى
العائلة زائد واحد Empty14/5/2010, 1:59 pm من طرف فيروز

» فوائد الموز
العائلة زائد واحد Empty14/5/2010, 11:57 am من طرف زهرة المدائن

» انالا اطلب شفقة
العائلة زائد واحد Empty23/4/2010, 5:07 pm من طرف عائشة استيتي

» مولود جديد
العائلة زائد واحد Empty6/4/2010, 6:24 pm من طرف عائشة استيتي

نوفمبر 2024

الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
     12
3456789
10111213141516
17181920212223
24252627282930

اليومية اليومية


    العائلة زائد واحد

    Dr.Aminbahily
    Dr.Aminbahily
    ممتاز
    ممتاز

    عدد المساهمات : 352
    تاريخ التسجيل : 10/12/2009
    العمر : 73
    الموقع : الرياض
    01022010

    العائلة زائد واحد Empty العائلة زائد واحد

    مُساهمة من طرف Dr.Aminbahily


    -9-
    العائلة زائد واحد


    كرم أبي غالب غريزة من غرائزه التي يقرنها بالعبادات اليومية ، وإن لم يجد ضيفًا يشعر كأنه فقد عزيزًا . ولا تهدأ نفسه حتى يجده . هكذا عرف الناس أبا غالب ، وكم لامه إخوانه ، وأقاربه ! لكن المرء لا يستطيع التخلص من ذاته ، ولا التنكر لها . فكيف يحمل المرء في الداخل ضدّه ؟ لقد كان الكرم جزءًا من إيمانه بأن الرزّاق – سبحانه وتعالى – كريم ، يحب الكريم . وأن الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر .

    البيت كله في قمة النشوة والسعادة بزواج غالب ، والأهازيج التي قالها الشعراء يوم الحفل ما تزال حيّة في خاطرهم . وفراش الضيوف لمّا تزل دافئة لمّا تبرد بعد . تقدم ابن عمه المجيدلي طالبًا يد ابنته عزيزة . لم يتردد في الموافقة . وحين أبلغ زوجته وأبناءه اصفرت وجوههم ، ودارت عيونهم في محاجرها ! فهؤلاء الأقارب لا يرونهم إلا في المناسبات . ولهم تجربة مؤلمة مع عم الخاطب ، فقد طلق عمتهم منذ سنوات قليلة ، وما زالت تعيش معهم ، تتجرع مرارة الطلاق . فكيف توافق يا أبا غالب ؟ سامحك الله . لكن كلمة الرجل قد خرجت ، ولا يمكنه التراجع ! وأظهر حامد شكوكه في نوايا الخاطب ، وصدق طلبه . وقال لوالده إنه مخالط للنصاري واليهود ، وقد اكتسب منهم خُبْثًا لم يعهده في أبناء المسلمين . وقد عودوه على الكسل ، واستغلال الآخرين . إذ كنا نراه في المصفاة من المقربين لهم . لكن أبا غالب أعطاه الموافقة ، ولن يتراجع عنها إلا أن يعزُف الخاطب وحده . فالمجيدلي في كل أحواله ابن عمنا . والعين إن تنكرت لمحجرها عميت !

    سكت الجميع ، وفاضت بعزيزة دموعها ، تعبر بها عن استنكارها لما يجري . لكن ليس في مقدور أحد أن يرد كلمة أبيها ! فصارت تدعو بالويل والثبور على من كان السبب في توجيه المجيدلي لخطبتها . ولم تتمكن من إعلان رفضها . فهذا أمر يحسمه الرجال ، وليس للنساء فيه بعد أن يطلق الرجل كلمته خيط ولا إبرة . ومع ذلك ما تركت وسيلة تعرفها إلا وسلكتها لتوصل للمجيدلي رفضها له كزوج . إلا أن الرجل اعتبر كل ذلك من طيش الفتيات . ووضعت أمه في قلبه أنها بعد الزواج ستتناسى كل هذا ، وتعيش كبقية النساء لزوجها وأولادها . والعمل في المزارع , مع أهلها أو غيرهم ، فهي فتاة قوية البنية ، عَلَّمها أهلها فنون الزراعة ، وحملوها مسؤولية البيت منذ طفولتها .

    قامت أم غالب تشير على ابنتها ، وتحذرها من التمادي في موقفها . فغدا قد ينتقم منها حين تكون في بيته ، ولا يستطيع أحد أن يحميها من جبروت الرجال ! فصارت تُهَمْهِم بدعواتها ، ولا تني تهمس بها في أذن كل من تبثُّها وجدها . وهي التي حلمت أن يتقدم لها أفضل الرجال ، وأحسنهم خلقا ، ودينا ، وأغناهم مالا . والحيرة تلفها بعباءتها من استعجال والدها في موافقته . وما فتئت أمها تردد في أذنها : لا حول ولا قوة إلا بالله ، كل شيء قسمة ونصيب .

    يا لها من ساعة يوم جاء المجيدلي بوفد الجاهة ليحدد كل أمور الزواج ! لم تبدل عزيزة ثياب العمل في المزرعة ، ولم تكتحل في ذلك اليوم ، على غير عادتها ، ولم تتهندم كعادة الفتيات ! وحاولت أن تبدو بمنظر لا تقبله الخاطبات . لكن أم المجيدلي قطعت عليها هواجسها لتقول : اسمعي يا عزيزة ، والله لو وضعت الرماد والطين على رأسك ، ومرغت به وجهك ما عزفنا عن خطبتك ، فنحن نعرفك ونعرف أهلك ، وقد وقعنا على ما نريد . ووالله ما يصلح لابني زوجة غيرك . وإنه ليجاهر بحبك أمام القاصي والداني ، ولئن أفسدت هذا الأمر فلن يتقدم لك أحدٌ بعده . فاطردي الشطان من رأسك ، وضعي الحجارة على أطراف ثوبك .

    بات الضيوف بأحسن حال ، ينعمون في بيت أبي غالب بما جاد به من كرم الضيافة ، ويسعدون بما سهل لهم من أمور الزواج . وقضَوْا ضيافتهم ، وارتحلوا يحملون معهم الهدايا ، والذكرى الطيبة لأبي غالب وأهله . إلا أن العروس لم يكن لها صورة إلا في ذهن أم المجيدلي . التي ما لبثت يوما بعد يوم تتأكد أن عزيزة راغبة عن ابنها , زاهدة في زواجه .

    صارت تذوي كشمعة في قبس ، ويصفر لونها كشمس قاربت المغيب . ولم يمض وقت حتى جاء الخبر إلى بيت أبي غالب أن أم المجيدلي قد فارقت الحياة ! وتداخلت المشاعر ، ما بين امرئ محزون على موتها قبل زواج ولدها ، وآخر غير محزون لأن العروس لن تجد لها حماةً تنغص عيشها ، أو تتحكم في أمرها .

    أبو غالب حمل أهله على عربتهم ، وسار بحصانيه القويين نحو قرية المجيدل ، ليشارك في الدفن ، ويبقى معهم أيام العزاء ، ليكون للمجيدلي أبًا ، لا يفارقه في الملمات .وأعلن في عشية العزاء أنه سيزوجه من ابنته آخر الشهر ؛ لتقوم على شئون بيته ، وسيكتفي بطعام الغداء ، وجلسة وعظ مع الشيخ عبد القادر ، خطيب قريتهم ، الفقيه المفتي الذي يقصد بعمله وجه الله .

    كم كان الخبر قاسيًا على عزيزة ، وكم تمنت لو كان القدر سبق للمجيدلي وأبقى أمه ! لكنها تعود لتستغفر ربها ، وتستسلِم لقدرها ، وترضى . واكتشفت أيام العزاء أن بيت المجيدلي يكاد يكون فراشه الأرض ، ولحافه السماء . ونبهت أمها لذلك . لكن أم غالب وكزتها في خاصرتها كي تسكت ، ولا تنظر لمثل هذه الأمور ، فالرزق بيد الله ، وإخوانها وأبوها لن يقصروا بها ، و لن يتركوها تعاني الفقر ، وهم الرجال الذين يجودون على القاصي والداني ، فكيف ابنتهم ؟!

    ما بين طرفة عين وانتباهتها وجدت عزيزة نفسها زوجة للمجيدلي ، الذي لم يكن يترك البيت إلا إذا لأمر جلل ، أو لداع يدعوه لقضاء أمر من الأعمال التي يزاولها الفلاحون . ولم يمض وقت طويل حتى انتهت هدايا العرس ، وقُلِبت الجيوب . ولم تجد عزيزة في البيت ما تضعه على النار أيامًا . فاقترحت عليه أن تزور أهلها في قريتهم ، وبيتت نيتها على عدم العودة . ولم يكن المجيدلي ليعارض فكرتها ، فحملها على بغل استعاره من جاره ، ونزل بها ضيفا على أهلها . لكن عزيزة التصقت بأمها تبثها أحزانها ، وشكواها من رجل لا يعمل ، ولا يعرف حاجات البيت ، ولا يحرقه قلبه على الرزق . وتساءلت : كيف يمكنها أن تمضي العمر معه ؟ لكن أمها كانت تربت على كتفها ، وتحثها على الصبر ، وأنها لن تتركها ، وإخوانها سيقومون بأكثر من الواجب .

    لم يفكر المجيدلي في العودة إلى بلده ، فقد وجد عند أرحامه بغيته وأكثر ، فهو في بيت الكرم والجود . وحماه يبحث عن جليس يحسن الاستماع ، ويمجد له أهازيجه . لكن عزيزة أكلت نفسها كمدًا مما ترى . فهؤلاء إخوانها يقومون قبل الفجر ، ويسرحون ويعملون ولا يعودون إلا بعد العشاء ، ألا يراهم ؟ ألا تتحرك الدماء في عروقه ليشاركهم ؟ كم حثته على ذلك ، لكنه قال : لو كان إخوانك يحبون عملي معهم لقالوا ، وأنا لا أعرض نفسي رخيصة للعمل معهم ! وكانت تَصِرُّ بأسنانها ، وتهمس في أذنه همسة الغضب : وهل هناك رُخص أكثر مما تفعل ؟ تجلس دون عمل ، وتأكل وتشرب ، ولا تحاول أن تقدم شيئا ؟ ... يا رجل ، حاول أن تسافر إلى حيفا ، فقد تعود للعمل في المصفاة .

    لمعت الفكرة في قلب المجيدلي ، وشمر للسفر . وقف أبو غالب وكل أفراد أسرته لوداعه ، إلا عزيزة . وكأنها كانت تتخلص من أمر أثقل كاهلها . غاب المجيدلي شهرا كانت فيه عزيزة بأحسن حال ، لكنها حين سمعت صوته غارت في طابون أمها لتعفر رأسها ووجهها من عَجَجِه ونَجَجِه ، وتعود لتراه عله يشمئز من منظرها ، ويعود من فوره إلى حيفا ، لكنه فاجأها بما يحمل لها من الهدايا . وغمرها العَجَب من فعلته . فهي لا تريد منه إلا أن يستمرئ العمل ، ويكون كالرجال الذين ينعمون بجهدهم وكدهم على أنفسهم وعيالهم .

    كان أبو غالب يعرف مشاعر ابنته ، ويقول لها : لا تفسدي على المجيدلي حياته ، ودعيه يعيش كما يهوى ، لا يأخذ الإنسان من الدنيا شيئًا . ومالُ الدنيا فيها . والكل زائل إلا وجه الله ، وليس للإنسان من الإنسان إلا الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة ، وما عليك سوى أن تطمئني . فلن تأخذي إلا ما كتب الله لك . فاقنعي بقسمتك ، وعيشي حياتك كما يرى زوجك . فالسعادة ليست بكثرة العَرَض ، السعادة في القلب ، وقبول ما قسم الله سبحانه وتعالى . لكنها كانت ترى إخوانها وجدهم ونشاطهم ، وتهز رأسها إصرارا على جعله يجاريهم ، وتؤكد أن عليه أن يسافر إلى حيفا كبقية الشباب الذين لا يعملون في الأرض .

    سافر المجيدلي تلبية لرغبة عزيزة ، واعتاد أن يبقى في حيفا شهرًا ، ثم يعود ليمكث معها يوما أو يومين ، حتى قاربت الولادة ، وشعر أنها ستكون اليوم أو غدا ، فجلس ينتظر مولوده البكر . ووجدها فرصة أن عزيزة لن تكون على رأسه لتحثه على السفر . لكنها ما إن سمعت صراخ وليدتها ومسحت عرقها ، وانتبهت من غفلة الولادة حتى نادته بصوتها المجهد التعب . جلس قرب وليدته الأولى ، يتأملها ويؤذن في أذنها ويقيم في الأخرى ، ويقول : سبحان الخالق العظيم ! ما أكرمه ! وما أبدع صنعته ! قالت له هذه البنت تحتاج من ينفق عليها ، ويأتيها بحاجاتها . فإن جلست هنا أنّى لك أن تتمكن من ذلك ؟

    نظر المجيدلي في وجهها نظرة المعاتب ، وحمل ابنته وأذن في أذنها ، وأقام في الأخرى ، وقبلها ، وخرج تحدثه نفسه أن لا يعود ! ويتساءل في نفسه : يعود لمن ؟ لامرأة منذ تزوجها لم ير منها ابتسامة ، ولم يسمع منها كلمة تسره ؟ أم لمنزل ما هو بمنزله ، ولا هو من ميراث أبيه ؟ أم لقرية ما ولد فيها ولا تربى ، وما له فيها من صاحب يجالسه ، أو يقارعه ؟ سوى عمه أبي غالب ، ويقسم أن لولاه لعمل ما لم يُعمل .

    وخطر بباله أن يلجأ للثوار ، ليقضي معهم بقية عمره ، فلعل الله يرزقه الشهادة ، ويخلصه من زوجة توسمت بها أمه – يرحمها الله - خيرًا كثيرًا . لكنه لم ير من ذلك الخير حتى اليوم شيئًا ! سمع رجلا يلقي عليه السلام ، فالتفت نحوه وعرفه ، إنه خالد ، صاحبه في المصفاة ، ويعرف أن له علاقة بالثوار . أسر له بأفكاره ، فوعده ورتب له لقاء ً ، ليصبح بعده واحدا منهم ، ويعمل على تنفيذ أوامرهم وتحقيق أهدافهم في محاربة الكفار المحتلين .

    كادت عزيزة تصرخ حين رأت المسدس بين ملابس المجيدلي حين عاد ، ولولا خشيتها لصرخت ، لكنها تماسكت وسألته مستغربة ، وكانت محاولته الإنكار تأكيدًا لها على انضمامه للثوار ، فراتبه كله لا يكفي ثمنا لمسدس ، فكيف وقد أحضر لها الهدايا كعادته ، وأعطاها بقية ما تقاضاه في شهره ، وزيادة عن الشهر الماضي ؟

    ما عادت تجرؤ على حثه ليسافر ، وأبدت تمسكًا عجيبًا به ، حتى صار حين يخبرها بسفر قريب تلح عليه أن لا يسافر . فقال لها يومًا لم يبق معي من المال ما يكفي للحياة ، ولا بد أن أسافر للعمل في المصفاة ، فإن المهايا عندهم مجزية ، وكل شباب قرى حيفا يعملون معهم في بناء المصفاة ، ويسمونها ( الريفينري ) . لكن شكوكها في ذهابه مع الثوار كانت تدفعها لمنعه من السفر ، على غير عادتها ، وصار يلذُّ له أن يساومها ليحصل منها على المزيد من التمسك وإعلان المحبة .

    ظل المجيدلي هنيئًا في بيته الذي بناه له عمه ملاصقًا لبيتهم ، لا يفكر في عمل أو مهنة ، سوى الانتساب للثوار ، وتنظيف مسدسه بين الحين والحين ، والمشاركة ببعض الطلقات في مناسبات العائلة ، التي يعبر لهم بها عن حبه ، وانتمائه لهم ، وكأنه واحد من أفراد العائلة .

    وفي السنة التي أعلن فيها اليهود قيام كيانهم المغتصب لفلسطين ، هب المجيدلي مع بقية الثوار يقاتلون هذه العصابات الكافرة الظالمة ، ويتنقل من قرية إلى قرية ، ومن مغتصبة إلى أخرى ، يشارك إخوانه في الدفاع عن بلاد المسلمين . ويحتسب نفسه مجاهدًا في سبيل الله ، وقد مازحه أحدهم مرة بأنه من أواخر من انضموا على الثوار ، لكنه لم يلتفت لذلك ، وألح في الدعاء أن يكتبه الله من الشهداء ، ويحقق النصر للمسلمين .

    لم تتح كثرة الجيوش العربية للثوار أن يحققوا النصر ، بل أجلت كثيرًا من أصحاب القرى عن قراهم ، بحجة أنها ستخوض معركة مع العدو ، وحرصًا على سلامة المواطنين ! لكن سرعان ما اكتشف المواطنون الذين غادروا قراهم أنهم لا يستطيعون العودة إليها ، فقد أخذها الغاصبون ، ودمروا بيوتهم وهم ينظرون . والقيادات العسكرية تنسحب من موقع إلى آخر .

    صار المجدلي يشارك زملاءه في عبور الحدود التي اصطنعوها وثبتوها ، ليدمر ما تصل إليه يده من ممتلكاتهم التي اغتصبوها من المسلمين . وكانت الاشتباكات لا تكاد تتوقف . وكانت سلسلة الشهداء لا تنقطع . لكن ذلك اليوم لم تنسه عزيزة ، فقد ودعها بعد أن قبل وليدها الذي لم يتجاوز بضعة الشهور ، وأوصاها به وبالبنات ، وظلت تقف بباب الخيمة ترقبه حتى توارى عنها ، وما غابت شمس ذلك اليوم حتى جاءها نبأ استشهاده ........ بكت حتى كَلَّت ، وارتفع نشيجها حتى استغربت منها النسوة ، وصرن يواسينها بشهادته ، وأنه شفيع لها ولسبعين من أهل بيته ، وأن عليها أن تعمل بوصيته , وتربي أبناءه على ما يأمر الله ورسوله .

    صارت عزيزة متيقنة أنّ الإنسان يحسُّ دُنُوَّ أجله ، فيتلفظ بما يوحي بذلك ، ودأبت تجمع الشواهد لصحة نظريتها . وكأنها بذلك تستحضر ذكرى المجيدلي ، وتؤنب نفسها على ما فرطت في حقوقه الزوجية ، وما حمّلته . لكن مقامها بين إخوانها كان يغنيها عن العمل في مزارع الغرباء . ويوفر لها الحياة الكريمة . لتربي أولادها بعزة أبناء الشهداء ، وبرعاية الرجال الذين تعتبرهم مثلا في الجد والكد والاجتهاد .
    ********************************
    مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

    لا يوجد حالياً أي تعليق

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو 23/11/2024, 7:02 pm